منذ صغرى وانا احلم بان اكون شئ عظيم تتحدث عنه الناس
ومن منا لا يحلم بذلك .. ان يكون مهما ومشهورا
ذلك كان حلمى الذى حاولت كثيرا ان احققه
عن طريق موهبتى فى الكتابة
كنت اظن انى كاتب كبير واديب يصلح للظهور والهتاف بأسمه
ولكنى واجهت الواقع بعد ان كبرت ... واستيقظت من احلامى مبكرا
عندما حاولت جاهدا ان اصل بكتاباتى الى من تعجبه
الى من يدعمها لتصل الى الناس جميعا
ولكن كل محاولاتى بائت بالفشل الذريع
او ربما ستقولوا انى لم احاول كثيرا فخمس سنين ليست كافيه
ولكنى تزوجت وهم الزواج اخذنى
وكلام ابى جعلنى لا افكر كثيرا فى هذا الموضوع
شغلت احدى الوظائف العادية المملة اليومية الروتينة الخ من الاسماء
التى تصلح كثيرا ان تضعها مكان الوظيفة التى اعمل بها حتى الان
الا ان راتبها يصلح بأن يفتح بيت ويزوجنى ويصرف على بيت واسرة
ولكنى لم اكل او امل بل حاولت مرات اخرى ان
اوصل كتاباتى هنا وهناك وشاركت فى العديد من الندوات الثقافية
من اجل التعرف على اناس مهمين يستطيعوا مساعدتى
ولكن مرض ابنتى الصغيرة التى لم تتعدى السبع سنوات
جعلنى اترك كل ما اجاهد من اجله
واوحد مجهوداتى فى انقاذ ابنتى الصغيرة التى احببتها
واحببت اسئلتها وحلمها الذى كان مثل حلمى وانا صغير
فهى قطعة منى تمنيتها من ربى وقد اعطانى ايااها
ووجب على ان احافظ عليها .... جلست جانب ابنتى فى المستشفى
تقريبا لا اتركها الا لكى اذهب للنوم
بعد اسبوع فقط من دخولهاا فى غيبوبة طويلة
بدأت ابنتى فى التمتمة ...فرحت جدا انها فاقت
الا انها لم تكن كذلك .. هذا ما اكده الطبيب
وان هذه الامور عادية نظرا للحمى القوية التى تعرضت لها
فهذه التمتمة لم تكن اكثر من تخاريف مرض كما يقولون عليها
الا انى اصريت ان ابنتى قد فاقت وانها لا تقوى فقط على فتح عينيها
وانها تقول كلام مفهوم ... نعم كلام استطيع ان اميزه
ذهبت الى البيت وبحثت داخل مكتبى الى ان وجدت كشكول فارغ فأخذته
وبدأت اخرج قلما واجلس امام ابنتى واكتب ما تقوله
فى محاولة منى لتفسير وتحديد ما تريد ابنتى قوله
جلست بقربها وانا فى لهفة منتظرا ما ستقوله
انتظرت ساعات طويلة انا وزوجتى التى ااكد لها ان كلام ابنتى مفهوم
وتريد ان تقول شيئا .... ظنت زوجتى فى بادئ الامر
انى اخاف على ابنتى كثيرا وما اريده هو مجرد امل فى شفائها فقط
لهذا و لأردائى جلست معى منتظره
فترة طويلة حتى خرج اول حرف منها وكانت زوجتى تنتظر من اجل
تأكيد جنونى ....ولكنها بكت عندما سمعت ابنتها تتكلم وهى لا تكاد تصدق
اسكتها وانا اقرب اذنى من فم ابنتى.
اما زوجتى فأقتربت لكى تكلمها وتسألها اذا كانت تسمعها
...اذا كانت تستطيع ان تفتح عينيها لترى امها وابيها
ولكن لا مجيب فاسكتها ثانيتا لكى ادون كل ما تقوله ابنتى
كتبت حوالى سطر ونصف السطر او سطرين على التحديد
ولكن .......... حقا انه كلام غريب
كلام فى غير موضعه ... كلام يجب ان يترتب لكى نخرج بجمله مفيدة
بعد ان سكتت ابنتى ... طلبت منى زوجتى ان اذهب لكى انام
... وهى ستجلس بجانبها
ذهبت الى البيت لكى اخلد الى النوم
... الا ان طيلة هذا الوقت وانا لم يغفل لى جفن
... طيلة هذا الوقت وانا افكر لكى احل لغز ما تقوله ابنتى
اركب الكلمة بجانب الكلمة واكون جملة غير مفهومة
... وأأتى من هنا الى هنا ... وأأتى بهذه الكلمة
البعيدة جانب تلك الكلمة
لالا هذه ليست بجمله
فأذا اتينا بهذه الكلمة هنا وهذه هنا... لا ليس هذه ايضا
وعلى هذا النحو حتى هزمنى اخيرا النوم ودخلت فى غفوة انتهيت منها فى ساعة
متأخرة فقمت وانا مسرع حتى لا اتأخر اكتر من ذلك على زوجتى وابنتى
التى قد تقول اى كلمة وانا لست بجانبها
لذا انطلقت بسيارتى المتهالكة التى اعطانى اياها ابى
فهو لم يعد بحاجة لها بعد ان تزوج اخى الاصغر معه وهو يملك سيارة جديدة
وصلت اخيرا ورغم الزحام الشديد الذى لم يرحم الليل مثلما فعل بالنهار
اخذت زوجتى السيارة لكى تعود بها الى بيت والدتها
وجلست انا منفردا بأبنتى ... اخرجت اوراقى وقلمى وانتظرت كلماتها
بدأت ابنتى تتكلم وتتمتم بكلاماتها التى اكاد اسمعها
اكثر من اسبوع على هذا النحو
وانا احاول ان افكر ما هذه الكلمات
هل حقا قد اصابنى الجنون لكى امشى وراء هذا الوهم الكاذب
اكثر من اسبوع وانا اجرى وراء كلام غير مفهوم
امن عاقل يفعل ذلك ... ولكنى اراهن بحياتى انها تقول شئ
ااو ربما تحكى ...... اقتربت من الاوراق وانا اقرأها معها مكتملة
انها حقا قصة وقصة جميلة
تبدأ احداثها بطفلة تتوه فى الظلام بعد ان خطف الظلام ابيها واخذت تصرخ
وتبدأ رحلتها بعد ان تأكدت ان لا احد يسمعها
.. وبتوجيه صوت ابيها الذى تسمعه بين الحين والاخر وتتلكم
معه كأنه يراها ويسمعها
هذا ما توضح لي بعد ان وضعت الاحرف الناقصة
من لسان ابنتى ( اللام - الراء )هما الناقصان لكى
تكتمل هذه الاحجية التى جلست عليها وقتا كثيرا
لم استطع الكلام وانا دموعى تنهمر على وجهى .
.. لا اصدق ما تحكيه ابنتى وهى فى تلك المحنة..
فهى تتصور ما هى فيه فى تلك القصة
تركناها فى وسط المرض وحدها ولكننا بجانبها ولن نتركها
وهذا هو الصوت الذى تسمعه صوت ابيها الذى يحبها
والذى يحاول جاهدا ان يخرجها من مرضها ومن الظلام
لتعود اليه مرة اخرى الى ابيها والى النور الذى فيه الكثير مما يحبونها
اخذت الموضوع بأهتمام اكثر, كنت اجمع الاحداث
واذهب لاجلس بجانب سريرها منتظرا ما ستقوله
حتى امها التى كانت تأتى لكى اذهب انا لارتاح قليلا
وتأخذ هى مكانى فى الجلوس بجانبها
رفضت وجودها وجلست انا بجانب ابنتى طيلة الاربع والعشرين ساعة
انام بجانبها اصحوا بجانبها ... ااكل .. اشرب ... حياتى اصبحت الان بجانبها
مرتبطة بذلك المرض الذى تعانى منه والقصة التى تحكيها اثناء مرضها
اجازتى من العمل قاربت على الانتهاء فماذا افعل ....
لم استطع فعل اى شئ ربما ستتهمونى بالجنون مثل زوجتى
... فانا ذهبت للعمل ولكن لكى اقدم على اجازة مفتوحة بدون مرتب
هذا ما فعلته فابنتى اغلى من عملى
... وانا لا اريد ان افوت لحظة من قصتها التى تحكيها
ولانى لاحظت فى كل كلمة تقولها داخل القصة
.. ان هذا هو ما يحدث لها فى الواقع
فعندما يسيطر عليها الظلام يعنى هذا انها فى خطر
وعندما تقترب من النور يعنى هذا انها اقتربت من النجاة
وقد تستيقظ فى اى لحظة .... وضعت نفسى على امل قصة
قد تكون احداثها خياليه من واقع خرافات المرض
... او ربما كما اقول لكم وانها حقا ما يحدث لها
هذا هو اليوم الثانى والعشرون من حياة ابنتى داخل الغيبوبة
...موضوعة داخل سرير فى مستشفى
لا تنقلب يمينا او يسارا .. وانما نائمة على ظهرها طيلة هذه الايام
.. ولولا انى احملها فى بعض
الاحيان واتركهم لكى يغيروا مفروشات السرير
واقلبها انا يمينا ويسارا حتى لا تأكل البكتريا جلد ظهرها
... والذى اصبح شاحبا واصفر لونه وتجمد الدم به
يا الهى لقد اصبحت ابنتى على وشك الموت
... ولكن ما تحكيه يقول غير ذلك
فهى تفتح الكثير من ابواب الامل بداخلها .
... لقد احترت كثيرا .. لا اعرف ماذا افعل
اعتقد ان القصة اوشكت على النهاية
.. فبعد تلك الابواب التى فتحتها ابنتى داخل القصة
ومواجهتها الكثير من الاشرار والهروب الى فتحات النور
يعنى ذلك ان كل هذا لا يعطى الا بديل واحد
... ان ابنتى على وشك الافاقة .
انتظرت طويلا حتى انتهت القصة كانت نهاية رائعة
حقا ابنتى ستكون كاتبة كبيرة فى المستقبل
طيلة الوقت لم اكتب انا مثل هذه القصة المشوقة من قبل
استطاعت ابنتى ان تشوقنى انا شخصيا طيلة روايتها
للقصة .. الى ان انتهت تلك النهاية الغير متوقعة
ذهبت بالقصة الى احد المنتجين والذى ابدى اعجابه بالقصة كثيرا
وقال لى ان القصة رائعة وتعاقد معى بمبلغ لم احلم به من قبل
وانتشرت القصة انتشارا واسعا .. انتشرت بأسم ابنتى الكاتبة الصغيرة
انتشرت لدرجة انها جعلت الجميع يستعلم عن الكاتبة حتى علموا من هى
ولم يصدقوا انها تلك الفتاة الراقدة على الفراش منذ شهرين او اكثر
لم يصدقوا ان ابنتى قد كتبتها وهى فى غيبوبة
... لا تحس باى شئ من عالمها الخارجى
وامسكت انا بأحدى نسخ القصة
واخذت اقصها على ابنتى التى مازالت فى غيبوبة حتى الان
ولكن الان الجميع فى الخارج يدعو لها وينتظر شفائها
.....وتتناقل اخبارها فى التلفاز المحلى والعالمى
بعد ان اصبحت اسطورة الكتاب والروائيون
__________________